24 December 2016

الشتاء .. كابوس يؤرّق مضاجع عائلات تقطن تحت أسقفٍ مهترئة

منزل صغير تكسوه ألواح من "الزينكو".. فيه غرفتين تفتقدان إلى أسمى معاني الصحة، بدون نافذة تدخل ولو القليل من شعاع الشمس الذهبية التي ترسل أشعتها صباح كل يوم متجدد، وستار من الحصير الممزق يتدلى من أعلى السقف بهدف منع تسرب مياه الأمطار ودخولها إلى صالة المنزل، ومحاولة للحجب عن أعين الجيران، كون المنازل المحيطة بهذا المنزل مرتفعة.


وللوهلة الأولى وقبل أن تطأ قدمك للمنزل ترى الأوعية في كافة زوايا الغرفة التي تسكن فيها الخمسينية أم محمد محسن، فهذه المعاناة التي تصاحبها كل شتاء، وتكدر صفوها وتضيق صدرها الذي تراكمت عليه الأمراض نتيجة الرطوبة الكثيرة التي اجتاحت الجدران المتشققة نتيجة لتوالي السنين، وبعد أن تآكلت بفعل الزمن .


تقول السيدة التي أظهر الكبر انحناءات وجهها:" في كل مرة يأتينا الشتاء، أشعر بغصة في قلبي، فالجميع يهنئون في بيوتهم، في وقت أستيقظ فيه بساعات الليل الحالكة وبرودة الجو التي تخترق جسدي الذي أنهكته السنين"، موضحة أن نزول المطر بغزارة أجبرها على حفر حفرة في ساحة المنزل كي تسقط الأمطار فيها، وخوفا من دخول المياه إلى صالة المنزل، في وقت تتساقط الأمطار من جوانب الغرفة التي تنام فيها برفقة ابنتها.


ولا تتوقف معاناة السيدة أم محمد عند فصل الشتاء، حيث تعاني أيضا في فصل الصيف، بسبب ارتفاع حرارة الجو في ظل وجود سقف من الزينكو، حيث تشعر وكأن الغرفة قد تحولت إلى ما يشبه بفرن حراري.


معاناة مع المطر

المواطنة وجدان فلفل 39 عاما، من سكان مخيم الشاطئ بغزة، إحدى المنتفعات من مشروع إصلاح أسقف المنازل الذي قامت به وزارة الأوقاف بغزة، أوضحت أنه بالرغم من ترميم سقف المنزل، إلا أن مياه الأمطار لا زالت تتساقط من إحدى غرف المنزل الصغير الذي تعيش فيه مع أبنائها التسعة.


وقالت فلفل في حديث للرأي:" منزلى صغير مكون من غرفتين، ومساحته لا تتعدى 50 مترا، وأسكن مع أبنائي عقب وفاة والدهم، ونعيش كلنا في غرفة واحدة باعتبار أن الغرفة الأخرى تتساقط منها مياه الأمطار في كل شتاء أو منخفض جوي"، مشيرة إلى أن مياه الصرف الصحي تتدفق في بعض الأحيان إلى داخل المنزل.


ووصفت منزلها الصغير المكون من ألواح الزينكو والذي يفتقد إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية، حيث النوافذ مكسورة بدون زجاج وأبواب الغرف ليست مكتملة، في وقت تجبرها فيه الأمطار على وضع نايلون أعلى سقف المنزل تفاديا لسقوط مياه الأمطار على بعض الزوايا.


مشاريع طارئة

من جهته أكد رمزي النواجحة مدير دائرة الاعلام في وزارة الأوقاف بغزة، أن وزارته قامت باستهداف 100 أسرة فقيرة متضررة تسكن في منازل لا تصلح للسكن، موضحا أن الوزارة عملت على إصلاح أسقف منازل تلك الأسر وإعادة ترميمها وهذا في إطار المرحلة الأولى.


وقال النواجحة في حديث خاص للرأي:" إن المشروع يقوم على تغيير أسقف المنازل للعائلات التي سقف منزلها آيل للسقوط، وذلك بتكلفة 80 ألف دولار، حيث يستهدف العائلات الفقيرة في كافة مناطق قطاع غزة من خلال لجان الزكاة التي يصل عددها 455 لجنة.


وفيما يتعلق بخطة وزارة الأوقاف ونشاطاتها في فصل الشتاء، أوضح أن الأوقاف قامت بمشروع كسوة الشتاء وتوفير ملابس شتوية للأطفال في العائلات الفقيرة، من خلال توزيع ملابس لعدد 1000 طفل بتكلفة 4000 دولار، وأيضا توزيع 500 جاكيت شتوى على 500 شخص فقير، بالإضافة إلى توزيع أغطية من النايلون لأسطح منازل الأسر ميسورة الحال، إلى جانب وجود مشاريع طارئة تتعلق بالمنخفضات الجوية وتتمثل الأنشطة بمساعدات عينية وتقديم ملابس وأغطية وفرشات لمواجهة موجة البرد وفصل الشتاء .


ووفق ما ذكره النواجحة في حديثه فإنه في حال تم توفير التمويل لترميم العديد من البيوت، فسوف يتم التركيز على عائلات تعاني ومتضررة نتيجة الأمطار والمنخفضات، من خلال البحث الاجتماعي الذي تقوم به لجان الزكاة في كافة مناطق قطاع غزة .


الصندوق الحكومي لا يمكنه سد حاجة هذه الفئة وحده، لذلك يقوم بالتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص كجمعية الإغاثة الإسلامية والجمعيات التطوعية ومؤسسات العمل الخيري في الخارج الماليزية والتركية لدعم صندوق الفقراء وإنجاح المشاريع التنموية والإغاثية.


مشاريع تنموية وإغاثية

أما عن جمعية رواد للتنمية المجتمعية فهي إحدى المؤسسات الواقفة على سد حاجة الأسر الفقيرة عن كثب بدعم من جمعيات دولية خارجية قائمة على دعم المجتمع الفلسطيني الداخلي، حيث لبت الجمعية نداء استغاثة الأسر الفقيرة بشأن أوضاعهم الواقعية.


رئيس الجمعية رباح بخيت تحدّث لـ"الرأي" كشف لها عن سلسة مشاريع تنفذها الجمعية وتلقى نجاحاً فائقاً, والتي كان أبرزها مشروع القرض الحسن الذي يدعم المشاريع القائمة في طريقة زيادة دخلها ورفع المستوى المعيشي للأسرة المباشرة عليه، حيث يتلقى المستفيد مبلغاً قدره 2500دولار بعد تقصى لجان البحث الاجتماعية عنه وبعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ تسليمه القرض يقوم الأخير بسده دون أي زيادات.


وأكد رباح على أن مشاريع الجمعية التنموية ترتكز على مبدأ "العجلة الدوارة" والتي تدور فوائدها على كافة الأسر المحتاجة دون استفادة الجهة القائمة، حيث تهدف لإنعاش اكبر قدر ممكن من دخول الأسر الفقيرة أو محدودة الدخل.


وقال رباح أن المشروع التنموي يشمل كافة مناطق قطاع غزة ويتفيد منها عدد كبير جداً من الأسر المتقدمة لتحسين مشاريعها القائمة، كما وتفكر الجمعية ببث مشاريع تقوم بدعم المشاريع الصغيرة التي يمتلكها الشباب في حال تلقت دعم خارجي يقدر أقله بخمسة آلاف دولار للمشروع الواحد.


وأوضح رباح أن الجمعية تتبنى عدة مشاريع إغاثية تركن على دعم من الجهات الخارجية وأبرزها جمعية الفيفا ماليزيا فلسطينا، وأخرى من الجمعيات الخيرية التركية.


وكانت أبرز المشاريع المقام عليها في الفترة الحالية من قبل الجمعية هي حملة "أدفئوني" والتي تشمل كسوة الشتاء وإنارة البيوت بالطريقة الآمنة ومنح البيوت الفقيرة مستلزمات الشتاء كتغذيتها بالمدفئة والوسائد والفرشات والبطانيات والغاز الكهربائي، فضلا عن ترميم البيوت الهالكة للغاية، بيد أن هذه المشاريع الإغاثية تشمل مناطق محدودة من قطاع غزة وذلك يعود لطبيعة الدعم الخارجي وكمية التبرعات الخيرية في الداخل.


والجدير بذكره أن نسبة 5% تعود لصالح للجمعية كنسبة منعشة للعاملين على المشاريع التي يصل دعمها من الخارج، مما يؤكد على أنها جمعيات خيرية بامتياز بعيدة عن البرامج الربحية.

 

السابق

الخضري: 2016 الأسوأ على غزة

التالي

"روّاد" توزع كفالات الايتام، بدعم من أهل الخير والإحسان بالأردن